كما هي الكاتبة الموهوبة أحلام مستغانمي دائما في كتاباتها التي تتسم بالبلاغة المفرطة في لغتها والخيال ممزوجا
بالإحساس الخلاب والتصور المبهر الذي يأخذ بالألباب ويقطع الأنفس من التشوق فتقوم
بتصور كاتبة داخل روايتها تكتب قصة قصيرة عن حب بين رجل غامض وامرأة، ثم وفي
فانتازيا مبهرة تحاول هذه الكاتبة أن تحول الرجل من القصة إلى الواقع وتبدأ
الإسقاط بين حياة شخصية الكاتبة التي تقع بين حبها لرجل خيالي وبين زوجها الرجل
العسكري الذي تعاني من سلوكه وصلابة مشاعره وأحاسيسه وشخصية الأخ الأصولي
الإسلامي، متمردة على كل شيء في حياتها ناقلة للقارئ فترة من التاريخ الذي تعيشه
الجزائر في فترة التسعينات بين الإسلاميين متمثلة في شخصية ناصر أخوها والعسكريين
في شخصية الزوج أيضا في تلك الفترة.
البداية:
الرواية تبدأ بقصة قصيرة كتبتها كاتبة ، وأسميتها ” صاحب المعطف ” بعد انقطاع دام سنوات عن
الكتابة . وتتساءل أي دافع يقودها للكتابة ثانيةً ؟ أيعقل أن السبب هو عثورها
على دفتر –غلاف أسود – في مكتبة واقتنعت أو توهمت بأن الكتاب الأسود هو الذي سيعيدها الى
الكتابة ويعيدها إلى محراب الكتابة ! وبدأت سطورها لقاء يجمع بين حبيبين
افترقا لشهور،. وتبدأ حرب اللغة بينهما .. كر وفر .. وكلاهما لا يعلم ..بأنه ..في
الحب ..ليس هناك نصر أو هزيمة!
” نرى خلال الحرب
الكلامية بين الحبيبين إن هناك كل الاعترافات والاقوال تؤخذ منهم عنوة
لأسباب أنانية غامضة ، لا احد يعرف سبب او مبرر لها ، و تدون الحب على الورق كلمة
تلو الأخرى واعترافا تلو الآخر ، أبطالاً متعبين مشوهين من الداخل ،دون ادنى
اعتراف من الكاتبة بأحقيتهم في قبول أو رفض ما تدونه على لسان حالهم ، تراهم حقاً
كانوا سيقولون ذلك الكلام ، لو أنه منحهم فرصة الحياة خارج كتابه؟”
قررت الكتابة تأليف ”
رواية ”
وعزمت النيّة على ارغام –
هذا الرجل –
صاحب المعطف على الكلام .. وجلست الى دفترها من جديد لتواصل الكتابة ، وكأنها لم تتوقف
منذ الأمس عن كتابتها ووضعت لها نقطة النهاية ! وتبدأ من نفس النقطة التي انتهت منها
والتي كانت سبب فراقهما أول مرة حينما اعتذرت عن الذهاب إلى مشاهدة فيلم !
وقبل أن تسأله عن أيّ فيلم يتحدث . واصل :-
أتدرين أنه ما زال يعرض في القاعة نفسها منذ شهرين ؟ إنهما عمر غيابنا . ” .
وتذكر القاعة واسم الفيلم اللذان شاهداه من
قبل ، وعندما تعود إلى الصحف مدققة في أسماء قاعات السينما تكتشف بأنه هناك فعلا”
قاعة تحمل اسم ( أولمبيك ) اسم القاعة التي اختارتها . وتتفاجأ.. هل هو الوحي الذي
يهديها لكتابة أشياء لا علم لها بها سابقاً “إنها
هبة الروائي التي يمنحها له الإله دون عن الجميع.
لقاء على الورق، تنفيذه:
تذهب الى الموعد المحدد من بطل قصتها
لامرأة اخرى غيرها لتختبر نفسها على شجاعة الكتابة في مآسي الحياة ! تذهب متأخرة والقاعة
تمتلئ بكل الذين جاؤوا لإهدار الوقت في قاعة السينما وتجد في آخر القاعة رجل وامرأة..
توقعت أنهما ”
بطلاها “..
وتجلس خلفهما بالضبط كجاسوس ينتظر الجديد ليسجله
!
وتتابع أحداث الفيلم .. ويأتي شخص ويجلس
بجوارها .. وحين تنحني تراقبهم يسقط قرطها ، فتحاول البحث عنه وسط ظلام قاعة
السينما ، وإذا بولاّعة تشتعل قريبا منها لتضيء لها المكان .. واتضح لها انه الرجل
الذي يجلس بجانبها .. عطره يصلها .. وتكف عن المراقبة عندما تنظر إليه ..ارتبكت في
صمت وقالت لنفسها ”
الحب يظهر دائما في مكان غير الذي تتوقعه تماماً ، قريبا من اوهامنا
توقفت عن متابعة احداث الفيلم .. ومراقبة
الرجل والمرأة .. بدأت تراقب صاحب الولاعة .. وهو مستغرق في أحداث الفيلم !
وتغادر القاعة قبل نهاية الفيلم .. وتكتشف
بالصدفة عند وصولها للمنزل بأن القرط قد وقع في حقيبة يدها.. ولولا هذه الواقعة لما
أحست بذلك الرجل الذي يجاورها فيالها من صدفة قد تلعب بأقدارنا ! ”
و بدأت ترسم خطوطا لهذه العلاقة
الغريبة، والغير مفهومة ، وبذلك الحب
الافتراضي الذي جمع بين رجل وامرأة من ورق، يلتقيان في منطقة وسطى بين الكتابة
والواقع ليكتب معاً، كتاباً مزيج من الافتراضية والحياة
.”
وتعود الى سطورها المكتوبة في دفترها
الأسود التي كتبتها سابقاً ،تبحث عن شيء ما .. وكمن عثر على شيء أضاعه في الرمال
حين عثرت على اسم المقهى الذي يشبه الاسم في تلك القصة .
وتذهب الى مقهى المحددة سابقا. لتجده هناك .. يكتب ، ويأتي شخص
آخر ينظر إليها كمن لديه سابق معرفة بها . وعطره فقط كان دليلها لتعرفه وسط كل
هؤلاء عندما اقترب منها يمد لها يده بالسكر الذي طلبته . وتدخل معه في
مغامرة لا تجد لها تفسيرا خصوصا بالنسبة لامرأة متزوجة مثلها . طلب منها الذهاب
لمقهى أكثر هدوءا فأجابته بالإيجاب . ويذهبان ، وقبل أن تبدأ بالحديث .. يقول لها” دائما ما تنحصر الأسئلة عن
ما نمتلكه وليس عن ما نريده ونتمناه وهناك الكثير من الأسئلة التي تجبرنا على الصمت.
لذلك نصمت حتى نجبر الآخرين على تدارك خطاهم . ”
ظنت انها أوقعته في مكيدتها لكنها هي التي وقعت في الفخ ،
لتجده يعرف عنها كل شيء .. وهي لا تعرف عنه إلا ما رأته في خيالاتها القصصية .
تعليقات
إرسال تعليق
أكتب وشاركنا في تقييمك وإبداء رأيك في التدوينة فنحن نسعد لذلك